الاثنين، 15 سبتمبر 2025

رق المهدي: علامات الساعة.. رسائلٌ من الزمن إلى العقل والقلب


رق المهدي: علامات الساعة.. رسائلٌ من الزمن إلى العقل والقلب 

في نسيج الوجود، تتسلسل الأحداث وتتعاقب الأيام، وبين طياتها تتوارى حِكَمٌ ورسائل لا يدركها إلا من تدبر. إن مفهوم "علامات الساعة" في الإسلام ليس مجرد سرد لأحداث مستقبلية، بل هو دعوةٌ إلهية للتأمل واليقظة، تهدف إلى إيقاظ القلوب من غفلتها وتوجيهها نحو الاستعداد ليوم الحساب.

إن القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة لم تترك هذا الباب مبهمًا، بل قدمت لنا إشارات واضحة، فصلت بين العلامات الصغرى والكبرى، كل واحدة منها تحمل في طياتها حكمة عظيمة وتنبيهًا بالغ الأهمية. إنها ليست نبوءات للتخويف، بل هي رسائل من الله تذكرنا بحقيقة النهاية، وتدفعنا نحو العمل الصالح.

علامات الساعة الصغرى: إشارات في يومياتنا

تتميز العلامات الصغرى بكونها أحداثًا تحدث بشكل تدريجي وتتراكم بمرور الزمن. وقد رأينا الكثير منها يتحقق في عصرنا الحالي، مما يؤكد صدق النبوة:

  • تغير ميزان القيم: من أبرز العلامات، "أن تلد الأمة ربتها"، وهو كناية عن عقوق الأبناء، وتغير الأدوار الاجتماعية، حيث يصبح الأبناء سادة لآبائهم.

  • انحسار العلم وظهور الجهل: فقد ورد في الحديث الشريف أن "قبض العلم" و"ظهور الجهل" هما من علامات الساعة. وهذا لا يعني اختفاء المعرفة، بل انحسار العلم الشرعي مقابل انتشار الجهل واتباع الهوى.

  • انتشار الفتن والقتل: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن في آخر الزمان "يكثر الهرج" أي القتل. وهذا نراه جليًا في انتشار الحروب والنزاعات.

  • تطاول البنيان: فقد أشار النبي إلى أن من علامات الساعة أن "تَرَى الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي البُنْيَانِ". وهذا ما نشهده اليوم من سباق عالمي في بناء ناطحات السحاب، حتى في المناطق التي كانت فقيرة.

  • تقارب الزمان: وقد فُسر هذا الحديث بطرق متعددة، منها قلة البركة في الوقت، أو سرعة وسائل الاتصال التي جعلت العالم يبدو كقرية صغيرة.

علامات الساعة الكبرى: أحداث مفصلية

أما العلامات الكبرى، فهي أحداث جسيمة تقع عند اقتراب الساعة، وتحدث بشكل متتالٍ كحبات المسبحة التي تتبع بعضها البعض.

  1. خروج المسيح الدجال: من أخطر الفتن، وهو رجل أعور يدّعي الألوهية، ويفتن الناس بقوة خارقة، ويكون خروجه اختبارًا عظيمًا للمؤمنين.

  2. نزول عيسى ابن مريم عليه السلام: يأتي عيسى عليه السلام ليقتل الدجال، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، وينشر العدل والسلام في الأرض.

  3. خروج يأجوج ومأجوج: أمتان مفسدتان يخرجان على الناس من كل حدب ينسلون، وينتشرون في الأرض فسادًا.

  4. طلوع الشمس من مغربها: عند حدوث هذه العلامة، يُغلق باب التوبة، ولا يقبل إيمان الكافر ولا توبة العاصي.

  5. خروج الدابة: تخرج دابة الأرض لتكلم الناس، وتختم على وجوه المؤمنين والكافرين.

  6. الدخان: يغشى الناس دخان مبين، يسبب عذابًا للكافرين ويكون رحمة للمؤمنين.

الحكمة من ذكر العلامات

إن الغرض من هذه الإشارات ليس إثارة الخوف أو التنبؤات، بل هو إعطاء المؤمنين فرصة للاستعداد. فكل علامة تظهر هي تذكير بأن الحياة الدنيا فانية، وأن الآخرة قادمة لا محالة.

في "رق المهدي"، نؤمن بأن المعرفة الحقيقية هي التي تدفع إلى العمل. فكلما ازددنا علمًا بعلامات الساعة، ازداد يقيننا، وازداد حرصنا على أن نكون من أهل الخير الذين يستقبلون هذا اليوم بقلوب مطمئنة.


المصادر الموثوقة:

  • القرآن الكريم.

  • صحيح البخاري.

  • صحيح مسلم.

ليست هناك تعليقات:

تطبيق رق المهدي المصغر بالتيليجرام

  أهلاً بك في رق المهدي ...