السبت، 13 سبتمبر 2025

لغز كوني: علامة استفهام عملاقة تُدهش علماء الفضاء

 

لغز كوني: علامة استفهام عملاقة تُدهش علماء الفضاء

تخيل أنك تنظر إلى أبعد نقطة في الكون، وفجأة، يظهر لك لغز غير متوقع: علامة استفهام ضخمة تلمع في الفضاء السحيق. هذا بالضبط ما واجهه علماء الفلك عندما التقط تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) صورة لنظام نجمي شاب، فكشف في خلفيته عن شكل غريب يشبه علامة استفهام عملاقة بلون برتقالي. هذا الاكتشاف أثار حيرة ودهشة كبيرة في الأوساط العلمية.

على الرغم من أن الصورة بدت وكأنها رسالة غامضة من خارج كوكب الأرض، إلا أن العلماء لديهم تفسير أكثر واقعية، لكنه لا يقل إثارة. هذا الشكل ليس مجرد صدفة، بل هو نتيجة ظاهرة طبيعية ونادرة تُعرف باسم العدسة الجاذبية، والتي تسببها المجرات البعيدة التي تشوه الضوء القادم من النجوم والمجرات التي تقع خلفها.


سر العدسة الكونية

صورة علامة الاستفهام التي نشرتها وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) وأُخضعت للتحليل من قبل باحثين في جامعة سانت ماري، انتشرت بسرعة وأثارت موجة من التساؤلات والنظريات الخيالية على الإنترنت. لكن العلماء أكدوا أن هذا الشكل ليس كائنًا فضائيًا أو رسالة خفية، بل هو ظاهرة فلكية بحتة.

التحليلات العلمية تشير إلى أن علامة الاستفهام نتجت عن عنقود مجرات يُدعى MACS-J0417.5-1154. هذا العنقود الضخم يعمل كعدسة جاذبية هائلة، حيث يقوم بثني وتشويه الضوء القادم من مجرات أبعد بكثير، تقع على مسافة حوالي 7 مليارات سنة ضوئية. هذا الانحناء الضوئي هو ما تسبب في ظهور المجرات البعيدة على شكل علامة استفهام ملتوية.

وصف العلماء هذه الظاهرة بأنها "عدسة الجاذبية السُرية الزائدية"، وهي ظاهرة نادرة جدًا توفر فرصة فريدة لدراسة كيفية تكون المجرات وتطورها على مر الزمن الكوني.


نافذة على ماضي درب التبانة

إلى جانب جمالها البصري، تحمل هذه الصورة قيمة علمية هائلة. وفقًا لموقع "dailygalaxy"، يوفر هذا الاكتشاف رؤية عميقة لكيفية تطور المجرات في مراحلها المبكرة. المجرات التي تظهر في الصورة كانت في ذروة تكون النجوم، وهي تشبه إلى حد كبير ما كانت عليه مجرة درب التبانة قبل مليارات السنين.

يقول الباحث مارسين ساويكي: "المجرات التي نراها منذ مليارات السنين تشبه الكتلة التي كانت عليها مجرة درب التبانة في بداياتها، مما يمنحنا فرصة لفهم تاريخ تكوين النجوم والمجرات بشكل أفضل." هذا الاكتشاف يتيح للعلماء دراسة العمليات التي شكلت مجرتنا.


تلسكوب ويب: كاشف المفاجآت الكونية

تؤكد عالمة مشروع ويب، ماكارينا جارسيا مارين، أن هذا التكوين يمثل مثالًا رائعًا على قدرة التلسكوب على الكشف عن مفاجآت في خلفية الكون، حتى عندما يركز على أهداف محددة. وقالت: "نستمتع برؤية أشكال مألوفة في السماء، مما يخلق رابطًا بين تجربتنا الإنسانية والكون المحيط بنا."

وأضافت أن تفاعل المجرات في هذه الظاهرة قد يؤدي إلى تحفيز تكوين النجوم في الأجرام القريبة، مما يربط بين هذا الحدث المذهل في الخلفية والنظام النجمي الأمامي الذي كان التلسكوب يراقبه في الأساس.

هذا الاكتشاف يذكرنا بأن الكون مليء بالأسرار التي لا تزال تنتظر من يكتشفها، وأن كل صورة جديدة يرسلها تلسكوب مثل جيمس ويب قد تحمل مفاجأة لم نتوقعها.

ليست هناك تعليقات:

تطبيق رق المهدي المصغر بالتيليجرام

  أهلاً بك في رق المهدي ...